لطالما أكدت تقارير اقتصادية وجود حقلين واعدين بكميات تجارية من الغاز في سواحل غزة، وتعرف بحقلي “غزة مارين” الأول والثاني. وتم اكتشاف احتياطيات هذين الحقلين في العام 1999، في حين قامت “مجموعة الغاز البريطانية” بالتنقيب عن الغاز في العام 2000، وسط معلومات تشير إلى أن الحقلين باتا تحت سيطرة العدو الإسرائيلي، فمارين” الأول”، يقع ضمن الحدود المائية لنطاق سيطرة السلطة الفلسطينية وسلطة العدو بموجب اتفاق اوسلو، لكن سرعان ما وضعت حكومة الكيان يدها عليه ، فيما الحقل الثاني يقع ضمن المياه الإقليمية لقطاع غزة، لكن البحرية الإسرائيلية تمنع الفلسطينيين من الوصول إليه.
وليس بعيدا اتفق الشركاء في حقل تمار للغاز الطبيعي الإسرائيلي، على توسيع الإنتاج في الموقع البحري، الذي يعد مصدراً رئيسيا للطاقة لإسرائيل، ويزود مصر والأردن أيضاً. وقالت شركة شيفرون الأميركية مشغّلة الحقل، إن هذه الخطوة ستزيد الطاقة الإنتاجية لحقل تمار إلى ما يصل إلى 1.6 مليار قدم مكعب يوميا، من مليار قدم مكعب حاليا ومن المقرر الانتهاء من مرحلتي توسعة تمار في عام 2025″.
خبير اقتصاديات النفط والغاز الدكتور فادي جواد، يذكر في حديث لـ”لبنان24″، بما قاله في أوقات سابقة، أن دخول شركة “شيفرون” الأميركية على خط الغاز الإسرائيلي واستحواذها على “نوبل انرجي” المكلفة سابقاً في أعمال في البلوكات الإسرائيلية “مؤشر إلى “طحشة” أميركية لوضع أقدامها وتثبيتها في حوض شرق المتوسط، مشدداً على أن ملف الغاز كان ولا يزال بيد الإدارة الأميركية وهي الوحيدة القادرة على تحريكه في مختلف الاتجاهات إيجاياً أو سلباً . وحقل “غزة مارين” حصد حتى اليوم أكثر من 30000 شهيد ولن تتراجع الأطراف قبل السيطرة على حقول حوض شرق المتوسط.
وفور دخول حرب غزة في أسابيعها الأولى أعطي الضوء الاخضر، بحسب جواد، بكف اليد عن إكمال استكشاف الغاز اللبناني وتم ربطه بنزاع الشرق الأوسط بالكامل بعدما كان محصوراً بمسألة ترسيم الحدود البحرية لا أكثر ، ودخل الطرف اللبناني بمرحلة عدم اليقين واستفاق على فخ وضع له وخسر الجانب الفني والعسكري من الترسيم حيث أصبح غير قادر على التراجع على ما وَقع عليه بضمانات دولية .
واليوم جمد ملف الغاز اللبناني إلى أجل غير مسمى ولن تكون دورة التراخيص الجديدة قادرة على استقدام أي عروض دولية من دون حل شامل للمنطقة، في المقابل سوف تكمل إسرائيل مشوارها في الحفر والاستكشاف والتصدير من حقولها ومنصاتها العائمة في كاريش وغيرها متأملة ربط حقولها بمساحة 1430 كلم التي ربحتها بعد تخلي لبنان عنها، يقول جواد.
بالنسبة إلى الخبير الاستراتيجي لاقتصاد الغاز والنفط، فإن توتال انسحبت قبل أن تبدأ العمل، وما حصل في اتفاقية الترسيم نحصد ثماره اليوم وللأسف لم تكن هناك أذان صاغية لملاحظاتنا كأخصائيين فنيين في هذا الملف، وتم الترسيم وفق المصالح السياسية الشخصية الضيقة والتي أوصلت البلد إلى هذه الكارثة، مذكرا بتحذيرات أثارها في السنوات الماضية وخصوصا من ناحية أن حقل قانا هو حقل وهمي تم رسمه بالصورة التي وزعت على الاعلام لترسيخه في ذهنية المواطن من أجل تمرير صفقة ترسيم الحدود التي تم التخلي من خلالها عن 1430 كلم من مياهنا البحرية للعدو الإسرائيلي بمقابل وعد بأن هذا الحقل سوف يكون واعداً وينتشل لبنان من كارثته الاقتصادية. وهنا تشير مصادر بارزة إلى أن الاجتماع الذي كان مقرراً في 7 من الجاري عبر تقنيّة “زوم” ويضمّ ممثلين عن وزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع النفط وشركة توتال لتسليم الأخيرة لبنان التقرير النهائي حول نتائج الحفر في الرقعة 9 ،تم إرجاؤه بناء على طلب الشركة الفرنسية إلى النصف الثاني من الشهر الجاري.
يسرد جواد المسار الذي تعاملت به توتال مع لبنان، فيقول: بعد مماطلة طويلة لهذه الشركة (مديرة الكونسورتيوم) ، بدأ الحفر في شهر آب الماضي لتصطدم أقوى حفارة ذات الرأس “الالماسي” القادر على تحطيم واختراق أهم الصخور ، بصخرة، فسارعت إلى تحويل الحفر 10 كلم شمالاً بالعمق اللبناني، بذريعة أن الصخرة عرقلت إكمال الحفر في المنطقة المتفق عليها، ومن ثم انطلقت بالحفر في نقطة جديدة والتي دفعت توتال إلى لملمة معداتها والخروج من البلوك رقم 9 من دون الوصول إلى الأعماق علماً أنها تملك القدرة عالمياً لاستكشاف كميات تجارية، فأوقفت الحفر عند عمق 2100 متر ، لتنسحب من البلوك رقم 9 وتتراجع عن توقيع اتفاقية الحفر للبلوكي 8 و 10 بعدما كانت تقدمت بطلب إشتراك في الربع الساعة الأخير من إقفال العروض.
وسط ما تقدم، يمكن القول أن مسار التنقيب عن النفط سيكون مرتبطاً بمسار وقف إطلاق النار في الجنوب وانتهاء الحرب في غزة، وهذا يؤشر إلى أن هذا الملف سيكون بنداً من بنود الطرح الأميركي لحل شامل في جنوب لبنان.
Back to top button